مصنع “تيتان” وادي القمر يقتل الأهالي ببطء.. ولا مجيب رغم الاستغاثات المتكررة

مصنع-أسمنت-وادي-القمر-بالاسكندرية

تعيش منطقة وادي القمر بغرب الإسكندرية، حالة دائمة من التلوث الكثيف المنبعث من المنطقة الصناعية التي تضم أكثر من مصنع داخل المناطق السكنية، حيث تقع بها شركات الأسمنت والكيماويات والغاز وشركات بترول متعددة، وتترصد هذه المصانع أهالي المنطقة بكم هائل من الانبعاثات المسببة لإصابات تتراوح ما بين أمراض الجهاز التنفسي والربو والسرطان.

تقع مدينة وادي القمر في غرب الإسكندرية وتتبع حي العجمي وتبلغ مساحتها حوالي 33 فدانًا، وتحتوي على تجمع سكني قائم يحتوي على منازل ومحلات تجارية ومساجد ومقاهي وأندية، كما تعتبر مدينة محورية لكونها تقع في مدخل الطريق الدولي وطريق ميناء الدخيلة وطريق الساحل الشمالي.

وفي الوقت الذي تتكاثر فيه شكاوى الأهالي باعتبارهم هم المجني عليهم، ويوجهون الاتهامات لعدد من المصانع، بينما يتبرأ عمالها من كون مصانعهم سبب التلوث، معتبرين أن قرار نقل هذه المصانع سيضرهم.

المصنع المسرطن

مصنع “تيتان” والذي أنشئ بمرسوم ملكي سنة 1948م، يمتد على مساحة 33 فدانًا، ولا يمل الأهالي من طلب نقله إلى منطقة بعيدة عن السكان، منذ سنوات، وقد صدر قرارًا بإنشاء مصنع بديل بمنطقة العامرية الصناعية، إلا أن عملية النقل لم تتم- حسبما أكد الأهالي.

كما كان مقررًا من قبل في عام 1996 وصدور قرار من رئيس الوزراء في هذا الوقت كمال الجنزوري، بنقل كل الصناعات الملوثة للبيئة والثقيلة مثل الأسمنت والأسمدة والسيراميك إلى خارج الكتل السكنية بمسافة لا تقل عن 60 كم بالإسكندرية.

المصنع لا يفصله عن بيوت الأهالي سوى سور، وتخرج منه الانبعاثات الملوثة لتقتحم المنازل، بعض الحوامل أجهضن بسبب هذه الانبعاثات، فيما أصيب أطفال بربو، وولد آخرون بتشوهات خلقية، كما لحقت أمراض حساسية الصدر وصعوبة التنفس بمعظم الأهالي.

original-654892586666016405

أمراض صدرية

يصدر المصنع انبعاثات سامة من عادم الأسمنت ثد يستنشقها الأهالي، كما تترك مخلفاتها تطير في الهواء لتسقط في مساكنهم وعلى الخضراوات والأفران وكل الأطعمة، ما يسبب أضرارًا بالغة وأمراضًا كثيرة لحقت بأهالي تلك المنطقة من سرطانات ومن حساسية صدر ومن التهاب وتحجر رئوي ومن أمراض العيون والأنف والأذن والحنجرة، وغيرها من الأمراض التي تصيب الأطفال والشباب والشيوخ في تلك المنطقة، وأحيانا أدت إلى موت الكثيرين.

وتنتج مصانع الأسمنت بوادي القمر 5000 طن أسمنت يوميا وينتج عنها عوادم “الباي باص” وهي مادة شديدة السموم، وتقدر كميتها بنحو 40 طنا يوميا، ومن المفترض أن يعاد تدوير هذه العوادم ولكنها عملية تحتاج إلى تكنولوجيا عالية جدا غير موجودة بمصر، ولذلك فإن إدارة المصنع تلقيها منذ الساعة الثانية عشر صباحًا إلى الثانية عشر ظهرًا، فيستيقظ سكان المنطقة على غبار الأسمنت الذي يغطي البالكونات والمنازل من الداخل والخارج وحتى الأطعمة واللحوم، وكراسات الطلبة وحقائبهم الدراسية.

249146-1

تصدع المنازل وتلوث ملح الطعام

ولا يقتصر تلوث المصنع على الأمراض الصدرية فقط، فهناك الاهتزازات التى تحدث من الطواحين وينتج عنها تصدع البيوت القريبة من المصنع، فضلا عن تلوث ملح الطعام بشركة المكس للملاحات التى تنتج 90% من إنتاج السوق المحلي المصري من الملح، هذا بجانب قرب مصنع الأسمنت من منطقة المكس وأعلى نسبة يود في الإسكندرية.

وقال محمد الأكرم، عضو اللجنة القانونية لحملة مين بيحب مصر بالإسكندرية،  في تصريحات لـ”فيتو”- أنه في آواخر 2009 حصل حريق في أحد المستودعات الخاصة بشركة الإسكندرية للبترول، وأثر على المنازل المجاورة وتصدعت آنذاك شرفات وأبواب ونوافذ بعض الأماكن القريبة للشركة.

تتتتتت

شكاوى ودعاوى

وتوالت شكاوى واستغاثات أهالي المنطقة منذ زمن، مرورا بجميع محافظي الإسكندرية، وكان آخر تلك الشكاوي لرئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء، المهندس إبراهيم محلب، اعتراضاً على تشغيل مصنع الإسكندرية للأسمنت بالفحم، في هذه المنطقة وخروج انبعاثات وأتربة بشكل مكثف على المنازل المقابلة للمصنع.

كما تم رفع الكثير من الدعاوى لنقل المصنع من هذا المكان،وتقدم الأهالي بعقود وخرائط تثبت أنهم مقيمون منذ عام 1930 ، ويقولون نحن أول من سكن المنطقة في حين أن التخطيط العمراني يقول إن المنطقة مخططة كمنطقة صناعية.

قال هاني أبوعقيل، صاحب دعوى نقل المصنع من منطقة وادي القمر، إن مصنع الإسكندرية للأسمنت بدأ في استخدام الفحم، كبديل للطاقة، في خطوة أرجعت مصر عشرات الخطوات؛ نظراً لأن جميع الدول تنهي خطوط الفحم وتستبدله بآخر غير مضر بالبيئة.

وأضاف عقيل، في تصريحات صحفية سابقة له، إلى أن الحكومة لا تحرك ساكن بالرغم من إرسال تقارير تثبت ضرر المصنع على المنطقة وعلى السكان، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن الحكومة أصدرت بيانات تفيد بأن المصنع آمن ولا يمثل أي خطورة على السكان.

وأوضح أن الأهالي مستمرين في قضية إزالة المصنع من منطقة وادي القمر، ونقلة إلى أي منطقة بعيدة عن التجمعات السكنية، مضيفا أن الدستور المصري الجديد به مادة خاصة بالبيئة تنص على أن لكل مواطن الحق في بيئة نظيفة تكفلها له الدولة.

وحذر أهالى وادى القمر، شركة “أسمنت تيتان” من هدم ثلاث عمارات كانت تستخدم كسكن إدارى للشركة أثناء ملكيتها للدولة، والشروع فى بناء محطة فحم تستخدم كمحطة طاقة بديلة خاصة بعد تردد أنباء بأن الشركة حصلت على تصريح هدم للعمارات السكنية التى أخلتها من قبل؛ لتقوم ببناء محطة فحم لتعمل بها الشركة لكن الأرض المقام عليها العقارات ليست أملاك الشركة من الأصل بل أملاك دولة وتخرج عن نطاق ملكية الشركة.

تتتت

أضف تعليق